الفقد المؤلم/جهاد نوار

 الفقد المؤلم

حينما وعيت على الفقد كان هناك كثير ممن أوجعنى غيابهم بدأ بجدتى قبل التى تربيت على يديها،و كانت الأم الثانية مع والدتى ،كانت نصفى القوى ،،،،قبل ظهور نتيحة الثانوية العامة ،التى كانت تنتظرها معى لتفرح بى،كنت فى صبايا،لذا ام أتفهم معنى الموت حينها كما أشعر به اليوم..

و عند وفاة ابن العمة فى سنه الصغير،كانت بداية الإحساس بمعنى أن يكون معنا إنسان يجرى،و يلعب

و بعض دقائق مات،و كل شخص يعبث بملابسه ،و أغراضه،و هو لا يدرى،و لن يصرخ بهم دعوا أشيائى كان موته نافذة لى على عالم جديد،خاصة أننى اكتشفت أن ما رأيته بمنامى ليلة وفاته،كان معناه ما حدث له، كأنها رؤية تحققت.

ثم تلتهما الأم،و كان وجعى فيها مختلف عن جدتى لأبى،قد يكون لأننى كنت فى مرحلة الشباب،صرت أعتمد على نفسى ،لكن ضاع منى أمان الحنية،و الاحتواء،و الصديقة الأقرب؟

فما كنت أدرى أين باب البيت،لأى اتجاه أسير،

و الدموع تحرق وجنتاى دون أن تقع عنها.

و لم تمض سنون حتى لحق بهما بابا،فكانت لطمة قاصمة نالت من قلبى بين الضلوع،كأن يدا من حديد ضربت قلبى دون رحمة فما كنت أستطيع الوقوف على قدماى..

القلب يرتج،و يرتجف،و الروح تئن،كأننى اللاحقة له،أيام ،و أيام،و تلك الضربة تعربد،و لا علاج،حتى أعلن الطبيب أنها حالة نفسية،فقد شعرت أن الأمان ،و الدفء،و الصُحبة،و الظهر

و السند،و القوة،و التدلل،كل شئ قد انكسر،و أظلمت الدنيا.

و بعد أوقات طويلة توالى الفقد ،فهو سُنة الحياة،الموت حق،و قضاء الله ،و لا رد لقضائه،مكتوب علينا أن نرى الأمكنة تفرغ من ساكنيها،و نحن نبقى،و هم ليسوا هنا.

حتى ماتت عواطف،حينها ظل على لسانى أية قرآنية تتردد  بداخلى بقوة

'هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا.""..

تلك السيدة التى احتوتنى بعد وفاة الأم،كانت وفاتها مؤثرة

أعادت لى ذكرى وفاة والدتى،عجنتنى بكل ألوان الألم

12 عاما معها فى كل وقت،كأنها طفلتى من شدة حبى لها،

اقتربت منها،و محوت جدار الفارق الزمنى بينى،و بينها كجيلين مختلفين،فى الألفية الثالثة،هى حماتى الحبيبة.


و فجأة غادرتنى،بل ليس فجأة،فقد عانت من المرض شهورا ،ثم رحلت،و تركتنى مرة أخرى أعانى من قسوة فقد

م ملأ مكانها أحد....


تعددت الالام بكثير من الألوان توافدت ،و كل فقيد،أو مفقود له قيمته مكانته،و غلاوته ،و فى كل مرة الدنيا تتغير صورتها أمامى،العم،العمة،ابنهما،خالة،جدة،جار،الأم،و ألام،و صدمات،و كسر؟


حتى أتى فراق الأصدقاء،و هو أشد الفراق،حين تفتقد من

قاسموك يوما،و فكرا،و روحا،حين ترى صورتك الأخرى أو نصفك الآخر،المتبقى لك من كل ما كان ،و هو  ينسلخ منك بعدما كان لك عوضا عن الأهل  أو الأقربون ،ثم يصبح بلا طيف يمكن أن تحسه.


فهو الآن وراء اللامنتهى،فى غياب لن ينقطع،فى نوم قد يطول،و لا يصلك منه أى صوت،ضحكه،و دموعه بسمته،و ندائه،شكواه،و دلاله، حتى دفء الأنفاس،و لا أزيزها،و صمته الكائن وقت حياته،كان صمت له حس.

و اليوم صار صمتا بلا روح،بلا حياه،يصيب بالجنون

فهذا فقد به تنكشف لنا حقيقة الأشياء،و حقيقة الدنيا ،قد يمر على الكثير غيابه،لكن لا يمر على المُحبين،ممن قُهروا بالفقد الغير منتظر..

فنجد من انهمك فى دنياه،و من انغمس فى النسيان ،طالبا فرحة تطفئ ظمأ يرويه.،و كأن المغادر كان بلا معنى لديه،فأى فرحة يمكن أن نرجوها وقت رحيل الأحبة؟..

و هناك من قسمه الرحيل لألاف القطع،الغير قابلة للالتحام مرة أخرى،فقد بدأ يعى ماهية الحياة،و دونيتها،و رخصت فى عينيه كل الأشياء،و الشخوص،و ما عادت تُبهره الأباطيل.

فالقبور لا ترحم،و الأجساد لا تبقى،و نحن سنرحل ...

فكل شئ للفناء يجرى،و كل شئ يهون،بعد ما انتُزع منا أجمل ما كان فينا،فلنعد العدة للقاء ،هذا فقط هو السلوان الوحيد.٠

فكم شقيتُ بهذا الفقد،و صرت أرى الكون بعين أخرى،و لون القبور تتراءى أمامى صامتة،موحشة،و هى تضم الأغلى منا،و علينا،و كأننى استمع لصوت ينادى هلمى فلماذا تبقين هناك

أما اشتقت لنا ..؟!

نعم اشتقت،و انتظر موعدا.....


و إنا لله و إنا إليه راجعون

جهاد نوار


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجوه مشرقة فى تحدى القراءة العربى متابعة جهاد نوار

الشعراء قادمون مع ( الAI)/بقلم جهاد نوار

مصر على مر التاريخ بقلم /أمل الشهاوى