طِفل المواثيق بقلم الشاعر عماد الدين التونسى



 

            طِفْلُ الْمَوَاثِيقِ


طِفْلُ الْمَوَاثِيقِ دِيوَانٌ مِنَ الشِّعْرِ 

تَاهَتْ حُرُوفُهُ بَيْنَ السَّطْرِ وَ السَّطْرِ


لَمْ يَبْرَحِ النَصَّ مِنْ أَيَّامِ نَشْأَتِهِ

قَصِيدُهُ الْحِلْمُ حَتَّى بُشْرَةَ الْفَجْرِ


مَازَالَ يَرْسُمُ بِالْأَحْلَامِ قَافِيَةً 

رَوِيُّهَا نَجْمَةٌ فِي لَوْحَةِ الْبَحْرِ


ضَاءَتْ مَسِيرَةَ أَقْطَابٍ بِخَارِطَةٍ 

فِي الْقَلْبِ مَنْقُوشَةٌ نَحْتٌ عَلَى الصَّخْرِ 


آثَارُهَا رُدِمَتْ فِي جُبِّ ذَاكِرَةٍ

خَانَتْ شَهِيدَ نَخِيلٍ مَاتَ بِالْعَصْرِ 


طِفْلُ الْمَوَاثِيقِ عُنْوَانٌ لِأُغْنِيَةٍ

إِيقَاعُهَا كَخَرِيرِ الْمَاءِ بِالنَّهْرِ


تَنْسَابُ بَيْنَ بَرَايَا الْأُفْقِ خَالِدَةً 

فَيْضٌ مِنَ النُّورِ عُنْقُودٌ مِنَ الدُرِّ


فَالنَّبْضُ لَحَّنَهَا بِالْآهِ دَوْزَنَهَا 

عَزْفٌ عَلَى وَتَرِ الْأَوْجَاعِ بِالنَّثْرِ 


وَالصُّبْحُ حَرَّرَهَا مِنْ قَيْدِ ظُلْمَتِهَا 

تَرْنِيمَةٌ نَطَقَتْ بَوْحًا مِنَ الثِّغْرِ 


تُلَمْلِمُ الْجُرَحَ بَعْدَ النَّزْفِ فِي نَغَمٍ 

إِنِّي سَأَرْجَعُ لَوْ فِي آخِرِ الْعُمْرِ


طِفْلُ الْمَوَاثِيقِ لَيْسَ الْكُلُّ يَعْرِفُهُ 

إٍلَّا الْذِّينَ أًقَامُوا حُجَّةَ الْبَدْرِ


مَنْ كَحَّلُوا الْعَيْنَ إِيذَانًا لِعَوْدَتِهِمْ

وَ بَشَّرُوا بِزَوَالِ الظُّلْمِ بِالصَّبْرِ


الْعَابِرُونَ حُدُودًا لَنْ تُفَرِّقُهُمْ 

دِثَارُهُمْ تُرْبَةٌ رُشَّتْ وَ بِالزَّهْرِ  


يَقُودُهُمْ عِشْقُ تَارِيخٍ تُحَاصِرُهُ 

الذِّكْرَيَاتُ وَمِيضُ الشَّوْقِ فِي الْعُسْرِ 


ظَلَّتْ مَفَاتِيحُهُمْ عِقْدٌ يُلَازِمُهُمْ 

فِي رِحَْلةِ الْبَحْثِ عَنْ بَوَّابَةِ النَّصْرِ


طِفْلُ الْمَوَاثِيقِ مَوْلُودٌ بِلَا سَنَدٍ

يُعَانِقُ الْعَهْدَ رَغْمَ الطَّعْنِ فِي الظَّهْرِ


فِي غُرْبَةٍ عَاشَ بَيْنَ الْأَهْلِ تَحْكُمُهُ

خُيُوطُ لُعْبَةِ شَدِّ الْحَبْلِ بِالسِّرِ 


تُحَاصِرُ الْرُّوحَ فِي الْأَقْفَاصِ تَخْنُقُهَا 

لَعَلَّ فِي عَزْلِهَا تَنْصَاعُ لِلْأَمْرِ


طَرَائِقٌ عَنْ عِدَاءٍ كَانَ مَسْرَحُهَا

أَرْضُ النَّوَى قِبْلَةُ الزَّيْتُونِ وَ التَّمْرِ


مَنْ جَفَّفَتْ عَيْنَ مَاءٍ كَانَ مَنْبَعُهَا 

يَرْوِي رَبِيعَ فُصُولٍ فِي الْقُرَى الْخُضْرِ

 

طِفْلُ الْمَوَاثِيقِ تَارِيخٌ نِهَايَتُهُ

مُنْذُ الْبِدَايَاتِ مَخْطُوطٌ وَ بِالْحِبْرِ


يُشِيرُ فِي حَرَكَاتٍ لَيْسَ يَفْهَمُهَا

إِلَّا الْذِّي حَفِظَ الْأَخْتَامَ بِالصَّدْرِ

 

تَوَارَثَ الْحُبَّ مِنْ أَثْدَاءِ وَالِدَةٍ 

قَدْ أَرْضَعَتْهُ حَلِيبَ الصِّدْقِ بِالطُّهْرِ


وَ عَلَّمَتْهُ بِأَنَّ الْحَقَّ مُنْتَصِرًا  

بَعْدَ السَّوَادِ يَجِيءُ الصُّبْحُ بِاليُسْرِ


رَغْمَ الْمَكَائِدِ مَكْتُوبٌ  بِصَفْحَتِهِ 

غَدًا يُحَلِّقُ فِي الْأَجْوَاءِ كَالطَّيْرِ


عِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِيٌّ



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجوه مشرقة فى تحدى القراءة العربى متابعة جهاد نوار

الشعراء قادمون مع ( الAI)/بقلم جهاد نوار

مصر على مر التاريخ بقلم /أمل الشهاوى