ا بين القراءة،و الاستماع بقلم جهاد نوار
ما بين القراءة و الاستماع
لقد شببت على رؤية الكتب،و الجرائد،و المجلات،بمنزلنا فكانت القراءة من أهم الأحداث التى أثرت فكرى،و وجدانى،و شدتنى شدا لكل ما له صلة بالحرف الفصيح،عبر قصص الجدة
و الراديو،و التلفاز فهما من أهم ما كنت أنتبه لهما قبل انتظامى فى الذهاب للمدرسة للتعلم.
استمعت للشعر الفصيح منها،و رأيت كتب الأصفهانى،و كليلة،و دمنة عبر مقتنياتها،و تعلمت الاهتمام بالكتاب منها هى
و والداى.
و كذلك من المسحراتى الذى كان يجوب شوارع البلدة،فأطرب لما يترنم به،و كان من فصيح القول،أشعارا،لذا بدأت الكتابة بالفصحى،و ظلت حتى اليوم هى الأصل،فى كتاباتى اليومية،و الشعرية ففيها أُبحر بطلاقة من قراءاتى،و مما درسناه على مر سنوات،أفرزت مخزونا أعاننى على السير فى
دروبها الصعبة .
فلقد أحببت االشعر استماعا،و ضمن الأغانى الشهيرة وقت طفولتى،ثم قراءة عبر الأناشيد المدرسية،و حسب كل مرحلة من مراحل التعليم زادت حصيلتى من المعرفة.
و بدأت أولى كتاباتى بالفصحى ،لأن بها أكتب، و أقرأ،
لذا لست أذكر يوما أننى ذهبت لمكتبة ما كى أشرى كتابا كٌتب بالعامية المصرية،لسبب بسيط جدا،و هو أن العامية أو الدارجة الخاصة بنا،متداولة بينا ليس فى كلامنا اليومى فقط
بل فيما نستمع له من أغنيات،منذ الطفولة،و هذا ما جعلنى عاشقة لفن الأغنية،التى كانت تنساب كنهر دائم الجريان فلا
أحتاج لقراءة كلماتها،عبر كل أنواع الوسائل السماعية بدءا من الاسطوانات و حتى الريكوردر .
لذا أؤمن أن العامية تُسمع،و لا تقرأ،و لا تحتاج جلوس للتصفح على أوراق،ليس تقليلا من شأنها،لكن لاهتمامى بفصيح القول كتابة قبلها
ففى الكتابة تأتى بسلاسة،ضمن التعاملات اليومية،و الإبداع فيها ليس أمر صعب الولوج إليه،خاصة لمن استمع للأغنيات التى تواترت عبر أصوات الطرب الأصيل.
الأصل فيها الكلمة التى كتبها رواد الإبداع فى العامية المصرية،فلا أحد يكتب من الفضاء،و الأصل هو الاستماع
و من لديه الموهبة،لن يتعب فى العب من مناهلها
لقظ عشقت كتاباتِ رامى،و بيرم،و محمد حمزة،و سيد حجاب
و صلاح جاهين خاصة مع السندريلا،و كثيرا من الكُتاب
الذين أعطونا شهادة الإبداع فى حروفنا جميعا.
و لا أعتقد أن عدم القراءة لشخص ما يعيب الكاتب،و لا عدم القراءة لكٌتاب العامية،شئ مُشين،فرغم كثرة المبيعات لتلك
الإصدارات حاليا،و التى لها أسباب كثيرة؟
لن أتوجه للمعرض لأشرى كتابا بالدارجة رغم كتابتى لها،لكن سوف أختار قصة ،أو ديوانا كُتبا بالفصحى معهم أشعر بالحياة تنبض حبا ،و عشقا،و نماء.
لغتنا العربية هى روح الإبداع،و من أهلها السامقين نتعلم،و لأهل الإبداع الموازى كل التقدير فلقد نسبت إليهم،و عن رحلتى نحو العامية فهو موضح أكثر بكتابى.
و الجدير بالذكر ،أن أول كتاب عامية كان إهداء لى من جارتى
الجميلة قسمت هانم ،و هو رباعيات جاهين،عام ٢٠٠١
الكتاب الشعرى الوحيد،بمكتبتى فى العامية،بجوار مجلد الشوقيات الأصلى بجزئيه،فشوقى أمير الشعراء يظل المتربع على عرش الكلمة،منذ عصر النهضة،و حتى اليوم.
من رواد مدرسة الإحياء،إحياء اللغة بعد تتريكها،من الديوان العثمانى،و إضعافها،و للحديث بقية
جهاد نوار..جاردى
تعليقات
إرسال تعليق